JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

اصل بسم الله الرحمن الرحيم

خط المقالة



اصل بسم الله الرحمن الرحيم



تعتبرالمخطوطات القبطية أهم المفاتيح لدراسة الأقباط وعلم القبطيات من كافة الجوانب دينياً وتاريخياً وإقتصادياً وثقافياً وأدبياً وفنياً،... . لذا تزخر مخطوطاتنا القبطية بكنوز شتى، فتميزت بإحتوائها على دلالات رمزية وتعبيرية، وقيم فنية وجمالية، ونصوص ثرية، وصياغات لغوية متنوعة كالبسملة، 

والبسملة هى مصدر "بسمل" وهى كلمة مركبة منحوته من "باسم الله" أى بدأ المقال باسم الله والنحت فى اللغة العربية هو أن تختصر من كلمتين فأكثر فى كلمة واحده بقصد الإيجاز مثل "حوقلة" وهى معناها "أن نطلب من الله البركة"، أو كلمة "دعمزه" إختزال ل "أدام الله عزك".

فقد تزينت بدايات المخطوطات أو الأسفار بالبسملة مع تعددت صياغتها ودلالاتها، فهى ليست مجرد عبارات إفتتاحية مصاغة بل تُظهر حقائق لآهوتية جوهرية فى الإيمان والعقيدة المسيحية.
 فقمت بحصر بعض منها فى ضوء أطروحتى الماجيستير ووصل تنوعها إلى حوالى عشرين بسملة، وهذه بعض النماذج منها:
"بسم الآب والأبن والروح القدس الإله الواحد بالذات المثلث الأقانيم والصفات له المجد"          
لم يكن الناسخ منفصل عن عقيدته، فقد شرح البسملة حتى أثناء كتابة البسملة نفسها، كما هو وأضح فى نموذج هذه المخطوطة، مخطوطة "دروس من الأنبياء".

"بسم الله الخالق الحى الناطق"

لقد استوقفتنى هذه البسملة لعلاقتها وإرتباطها الشديد بالنص، نجدها فى مخطوطة الكتاب المقدس مع بداية سفر (تك 1: 1- 3)، نرى دلالة هذه البسملة تعبرعن مضمون النص الكتابى: 

’’فى البدء خلق الله السماء والأرض’’(تك1:1)، 
الخالق الله الآب يقابلها فى البسملة : "بسم الله الخلق".’’وروح الله تهب على المياه’’(تك2:1) وروح الله أى الروح القدس لذا قال "بسم الله الحى"، ’’وقال الله ليكن نور’’(تك3:1) وقال الله دلالة على الله الكلمة يسوع المسيح  النورالذى أشرق فى الظلمة دلالاتها فى البسملة "بسم الله الناطق". فعبر الناسخ عن الثالوث القدوس فى عبارة موجزه معبره أن الله خالق بقدرته، حى بروحه، وناطق بكلمته فى أبنه يسوع المسيح.

"بسم الله الرؤوف الرحيم وبه نستعين"
بسملة لبداية سفر يونان النبى، فنجد دلالاتها وإرتباطها وسبب إختيارها أن سفر يونان يتضح فيه رأفة الله، وإشفاقه على الخطاه، وإصراره على رجوعهم إليه، وقد قال يونان النبى: ’’لأنى علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطى الغضب وكثير الرحمة...’’ (يون2:4). 

فنجد الناسخ القبطى يمتلك روح الإفراز فى إختياره لكلمات البسملة التى تحوى دلالة تناسب وتوضح مضمون السفر، وكأنها بمثابة مفتاح للنص الكتابى. ليس ذلك فحسب بل أبهرتنا بعض المخطوطات فى أثرائها بأساليب صياغتها كمخطوطة "مقدسة"، فنجد تنوع صياغة البسملة داخل المخطوطة الواحدة مع بداية كل سفر من أسفار الكتاب المقدس تخدم مضمون السفر كالتالى:

"بسم الله الحى الأزلى" 
نجد "سفر الخروج" فى هذه المخطوطة يبدأ ببسملة "بسم الله الحى الأزلى"، وهى مطابقة لمعنى ومضمون السفر، سفرالعبور، عبور بنى إسرائيل من الموت للحياة لذا بدأ الناسخ  سفر الخروج ب"بسم الله الحى". 

"بسم الله الواحد رب القوات" 
أيضا فى "سفر العدد" تبدأ البسملة ب "بسم الله الواحد رب القوات"، حيث يبرز هذا السفر عناية الله بشعبه فى البرية يظللهم كسحابة وينير لهم ليلا، ويهتم بأكلهم وشربهم وراحتهم؛ فهو عرض عمل الله وقوته مع الإنسان كدلالة بسملة بداية السفر"بسم الله الواحد رب القوات".

"بسم الله الواحد ذى القدرة والجبروت" 
كما نلاحظ فى نفس المخطوطة "سفرالتثنية"، وهو سفر العهد والحب الإلهى محور السفر الله خليلى يعطينى وصيته فهو سفر تذكره دائمه لوصايا الله. لذلك بدا الناسخ سفر التثنية 

"بسم الله الواحد ذى القدرة والجبروت".
يمكن أن نستنج من خلال هذا البحث جـ1 أن المخطوطة القبطية يختبى بين طياتها كلمات وعبارات تحمل دلالات عميقة فى معانيها، قوية فى حجتها؛ بل تظهرلنا العقيدة فى صورة واضحة، وتكشف لنا كم كان أجدادنا وآباءنا الذين كتبوا المخطوطات ونسخوها لديهم إستنارة إيمانية، ويعوا ما ينسخون ويدوينون، فقد كان لديهم القدرة على الإختيار، 
وكيف يختار؟ وماذا يختار ؟ وفى أى موضع يضع إختياره لإثراء المعنى والمحتوى بما يتناسب مع جوهر إيمانه وعقيدته، وأنتج لنا البسملة بتعددها وتنوعها لتحمل العديد من المعانى والمضامين العقائدية والإيمانية المرتبطة بالموضوعات الخاصة بتلك المخطوطات، وكأنها بمثابة مفتاح لنصوص المخطوطات.

 نهاية يمكن القول أن المخطوطات القبطية بحر واسع غنى بالكثير من القيم العلمية والعقائدية والإيمانية والإبداعية، فتحتاج منا بعض الإهتمام للكشف عنها. فهى بمثابة تاريخ الحضارة القبطية.
                                                    إعداد / ايرينى القمص بيشوى القمص منسى
                                           باحث دكتوراه ومدرس مساعد بمعهد الدراسات القبطية
                                                              10/ 1/ 2022م
الاسمبريد إلكترونيرسالة